الأستاذ فرج عوض طاحس (الوالد):
ثورة ثورة ياجنوب !!
كثيراما سمعنا هذا الشعار يردده الحراكيون في الجنوب في أكثر من مناسبة وفي أكثر من مكان، لدرجة أن الأطفال حفظوه وصاروا يتغنون به في لعبهم دون أن يعوا مغزاه الحقيقي ، ولكن لم نر ثورة حقيقية جنوبية تقتلع الفساد والفاسدين منذ إنطلاق ثورة الحراك السلمي الجنوبي في ٢٠٠٧ م ، ضد نظام سبعة يوليو الذي أتى بعد حرب صيف ١٩٩٤ م ، نهب الجنوب ودمره وجعله غنيمة لقوى النفوذ والتسلط المدنية والعسكرية من الجنوبيين والشماليين الذي وقفوا مع العدوان والغزو ، وأوجد طبقة حاكمة جنوبية نفعية إنتهازية ربطت مصيرها بهذا النظام ، كانت في يوم ما تنتمي إلى أحزاب ، وتحتل مراكز قيادية فيها ، وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي والحزب الإشتراكي ، وهي نفسها اليوم من يعبث في الجنوب بإسم شرعية فاسدة ، لاهمَّ لها سوى تدمير الجنوب ومعاقبته ، لا لشيءٍ سوى أرضاءٍ لغرورها وخيبتها السياسية والعسكرية والأمنية ، وضمان مصالحها الغير مشروعة التي أكتسبتها بقوة السلطة على حساب معاناة آلاف الأطفال والشيوخ والغلابا من المواطنين ذوي الدخل المحدود ، والذين لا دخل لهم
لقد استبشر الجنوبيون خيرا بتحرير مدنهم وقراهم من الإحتلال العفاشي الحوثي بعد غزوهم الجنوب عام ٢٠١٥م ، بفضل الدور البطولي لرجال المقاومة الجنوبية المدعومة من قبل قوات التحالف العربي ، وكذلك بقدوم الحكومة وإتخاذها العاصمة عدن منطلقا لنشاطها ، على أمل أن تعيد بناء ماخربته الحرب ، وتُعِيْدَ الحياة إلى هذه المدينة وإلى مدن الجنوب المحررة ، وذلك من خلال الإهتمام بشبكة الخدمات من كهرباء ومياه وصرف صحي ، وصحة وتربية وغيرها ، وكل ماله علاقة بحياة المواطن ، ويأتي الملف الأمني في أولويات هذه المهام ، لكن للأسف الشديد جاءت هذه الحكومة بنفس انتقامي ، فبدلاً أن تعمل على رفع المعاناة عن كاهل المواطن ، فقد زادتها سوءاً بإهمالها المتعمد واستخدامها كعقاب جماعي لمواطني هذه المدن ، فقد ساءت خدمات مؤسستي الكهرباء والمياه وأمتدت ساعات انقطاعهما ، فزادت معاناة المواطن في ظل شدة حرارة الصيف ، وأمتلأت شوارع المدن المحررة بالقمامات ، وانتشرت الروائح الكريهة لتعفنها ، ممايساعد على انتشار الأمراض بشكل كبير ، كماغطت شوارع المدن مياه الصرف الصحي ، لفيضان البيارات ، ممايهدد حياة المارة والأطفال ، كما حصل في الشيخ في محافظة عدن ، حيث لقيت طفلة وشابان حتفهما عندما حاولا إنقاذ هذه الطفلة ، بعد سقوطها في بيارة للصرف الصحي .
وبلغت معاناة المواطنين في المدن المحررة حدا لايطاق ، بسبب التدهور المستمر لشبكة الخدمات من كهرباء ومياه وصرف صحي وغيرها ، والإنهيار المستمر لقيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية الأخرى ، وكذلك ارتفاع سعر المشتقات النفطية ، ممَّا عكس نفسه بشكل واضح على ماتشهده البلاد من إرتفاعات جنونية
لأسعار المواد الغذائية ، وكل مايرتبط بحياة المواطن ، لا تتناسب هذه الأسعار مع الدخول البسيطة والمتواضعة للمواطن ، ناهيك عن أؤلئك الذين لادخل لهم ، وصار الكثير من المواطنين عاجزين عن تأمين قوت يومهم وأسرهم ، ممَّا يهدد البلاد بكارثة مجاعية لاسمح الله . وتقف وراء هذه المعاناة لأبناء الجنوب ، تلك الرموز الفاسدة التي أوجدتها ظروف الحرب والمتدثرة برداء الشرعية ، فهي المسؤولة عن التلاعب بأسعار المشتقات النفطية ، وكذلك عن الإنهيار المستمر للعملة الوطنية ، حيث تقوم بشراء هذه العملات وتهريبها إلى بنوك الخارج ، لأن في بقاء الحرب واستمراريتها فرصتها للإثراء ، وتعويضها عن سنوات الحرمان تلك التي مضت .
الدعوات للثورة والإنتفاظة ضد هذه الأوضاع المأسوية التي تعيشها المناطق الجنوبية المحررة ، أمنياً وخدماتياً ومعيشياً ، والتي ظهرت في مواقع التواصل الإجتماعي ، لم تأت على الإطلاق من فراغ ، وإنما هي من معاناة حقيقية يعيشها المواطن في كل مدينة وقرية ، وعلى الجميع التفاعل مع هذه الدعوات قبل أن تحل الكارثة ، لا نريد ببانات شجب واستنكار وخطب رنانة من أية جهة كانت ، نريد فعلاً يخلص المواطن من هذه المعاناة ، وعلى دول التحالف العربي أن تتحمل مسؤوليتها ، فهي شريكة ومسؤولة فيما يحصل لأبناء الجنوب بسبب هذه الحرب ، وكذلك لصمتها وتغاضيها عن الممارسات العدائية لهذه الرموز الفاسدة من الشرعية .
سيؤن / حضرموت
الإستاذ / فرج عوض طاحس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق