الشرعية تتآكل من الداخل
بقلم: الاستاذ أحمد صالح الدثني
كثير من الناس ينتقدون من يظهر مسأوي الحكومة الشرعية ويتهمونه بتجاهل إنجازاتها وتتبع هفواتها، ويتساءل البعض باستغراب عن عدم مهاجمة من يحتلون ارضنا بقدر مهاجمتنا لمن يسعون لتحريرها، ويخون آخرون كل من يخالفهم الراي أو لم يتبع نهجهم. ولكي أكون أكثر واقعية وانصافا اعترف أنني اشاطرهم نفس المشاعر في عدم سروري بما أكتبه عن سلبيات الحكومة (الشرعية) واتمنى ان أجد في أعمالها ما يستحق التحدث عنه والإشاده به، ولكنني اخالفهم الرأي في انتهاج منهج المجاملة وسوق المبررات والأعذار أو السكوت عن قول الحقيقة، فلم تعد المخابئ تتسع للمزيد من الإخفاقات المتكررة.
ان ما نكتبه عن شرعية بن دغر ليس لغرض التشهير بها كما يضن البعض ولكنها بمثابة تغذية رجعية مفيدة تعكس لأعضاء الحكومة صورة حكومتهم ورؤية المواطن لها فيسهل عليهم تقييمها وتقويمها، فأن اظهار الحقيقة كما هي وكما يراها عامة الناس الذين يمثلون الغالبية العظمى خيرا من تضليل مسؤوليها بالمجاملة وقول الزور فنزيدهم عماء فوق عمائهم العضال. لقد كان لنا في حكومة الشرعية أمل كبير ولكن أثبتت الأيام أنها لم تستطيع ان تقدم أي عمل طيب يستحق الذكر فألجمت أفواه الإشادة النزيهة، وباخفاقاتها المتكررة التي يبدوا من طبيعتها أنها متعمدة قدمت لمناوئيها خدمة مجانية ومادة دسمة لمن يريد رصد فضائحها، فوجب علينا تنبيه من يهمه أمرها انها أصبحت تتآكل من الداخل. اما بالنسبة للطرف الآخر فقد قلنا فيهم قبل ان تخيب آمالنا في الشرعية المزيفة أكثر من ما قاله مالك في الخمر ولكن تمادي الشرعية في غيها وانشغال أعضائها بتقاسم المغانم وتجاهلهم للمغارم أسهم كثيرا في تكبير انصار الله الحوثيين في نظر عامة الناس مع مرور الوقت لأن معيار المفاضلة عند الغالبية هو ميزان المقارنة الفعلية بين الفريقين.
لا إجزم في التعميم بالرغم من يقيني ان هذا هو لسان حال المواطن اليمني الذي لا يؤمن بالتنظير بقدر إيمانه بالواقع الملموس، فقد كانوا أهل بيحان على سبيل المثال قبل ان تفتح الطريق يضنون ان انصار الله الحوثيين هم من يحاصرون بيحان، وحاجوا عن الشرعية استنادا الى بيان نسب للواء 21 المرابط في ظليمين ومنطقة أرة والمحسوب على الشرعية والذي تبرئ فيه من حصار بيحان، ولكن حين استجابوا المتهمون بالحصار لمطالب المواطنين وفتحوا الطريق بدون أي شروط كشفت حقيقة اللواء 21 ولم تحرج قيادته بعد سقوط اقنعة الزيف عن وجيههم ولم يخجلوا في تحديد زمني لفتح الطريق لا يزيد عن واحد وعشرون ساعة في الاسبوع موزعة على ثلاثة أيام. لا نعلم ماذا سيفعلون عساكر اللواء 21 خلال أيام المنع الأربعة إما أيام الطياب الثلاثة فقد طاب لهم خلال ساعاتها ممارسة سلوكيات تعسفية مع سالكي الطريق وفرضوا عليهم الجبايات وصورت القيادة بيحان لعساكرها كمنطقة صعدة معقل انصار الله الحوثيين ونقطة انطلاقهم فوبخوا المارة ولاموهم على تصرفات الطرف الآخر بغية مواراة عمالتهم وهم لهم أكثر مودة وأقرب رحما.
لم تتردد نقطة أرة في صبيحة اليوم الثاني من فتح الطريق ان تعيد عدد من المركبات من حيث أتت بحجة ان الحوثيين رموهم بقذيفة هاون، وبدلا من تسهيل عبورهم وابعادهم عن الخطر اجبروهم بالعودة إلى مصدره، الا يعلم هؤلاء ان نقاط انصار الله الحوثيين تستعجل المارة وتشير عليهم بسرعة الابتعاد عن النقطة في حالة أي تهديد جوي من أجل سلامتهم؟ ومن جهة الدخول في نقطة ظليمين لم يحترم عناصر اللواء 21 حتى العائدون من المهجر، ففي يوم الخميس الماضي استغرقت رحلة مجموعة من المواطنين يستقلون سيارة جمس من عتق إلى بيحان ثمان ساعات بسبب النقاط وما يدور فيها من ابتزاز وتفتيش تعسفي برغم الجباية التي دفعها سائق المركبة لنقطة ظليمين وهي مبلغ عشرة ألاف ريال، ولم يتنفسوا الصعداء كغيرهم من المواطنون الا عند دخولهم حدود من يوصفون إنقلابيين ومجوس وكفار. وسائق شاحنة آخر يدفع خمسة عشر ألف ريال لنقطة ظليمين مقابل تأخيره والعبث ببضاعته ثم منحة تأشيرة عبور يسلمها في النقطة الأخيرة.
انني على يقين تام ان اليهود في كل المعابر البرية التي يديرونها يعاملون الفلسطينيون معاملة أفضل بكثير من معاملة يهود ظليمين وأرة لأبنأ مديرية بيحان، وهذا يرجع في تقديري الشخصي إلى تعدد مذاهب الديانة اليهودية، وهو ما ينذر باقتراب زوالها، فما تعددت المذاهب في قوم الا اهلكتهم، ولعنة الله على حكومة أردنا لها الحياة وأرادت لنا الموت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق