دراسة ميدانية بعد مقتل اللواء اليافعي بساعتين
العفاشيون في اليمن
في دراسة صدرت حديثا مكونة من 42 صفحة عن مركز القاسمي للدراسات الاستراتيجية بحثت عن مدى موالاة الشعب اليمني للحكومة الشرعية برئاسة هادي ونسبة من يوالون عفاش والحوثي .واستمرت أكثر من ثمانية أشهر شملت المحافظات الجنوبية والشمالية من اليمن وكانت النتائج صادمة لكثير من الباحثين بالشأن اليمني وأظهرت ثلاثة أمور مهمة جدا وهي كالتالي
1- الانفصام الاجتماعي بين الجنوب والشمال والهوة السحيقة بينهما حيث أن المجتمع الشمالي متمسك بعفاش بنسبة كبيرة جدا ويعتقدون بأنه ما زال الرئيس الشرعي لليمن وأن تسليمه للسلطة لم يكن إلا تحت الضغوطات الدولية وغالبيتهم يصفون عفاش بالزعيم المخلص وكثير منهم يحبه حتى الثمالة ويصورونه صورا عليها هالات من القداسة كما يراها بعض متشيعي آل البيت من أتباع المذهب الزيدي بينما في الجنوب ينظرون إلى عفاش على اعتبار انه زعيم عصابات إجرامية نهبت وقتلت وانتهكت جميع المحرمات
2- أظهرت الدراسة مدى الجهل الذي يخيم على المحافظات الشمالية حيث يعيش الناس في غموض شديد لا يعرفون من يحارب من ؟ ولا يعرفون ماهي أهداف الحرب ؟ يحبون عفاش وكفى . والكثير منهم يرى أن عفاش هو من يقود الجيش لقتال التحالف العربي وما الحوثي سواء شماعة وواجههة يستخدمها عفاش للوصول لأهدافه ويعتقد الكثير منهم إن الحرب سياسية وليس لها علاقة بالمذاهب كما يروج لها الإخوان المسلمين والسلفيون ويرون أن تفجير المساجد ودور تحفيظ القرآن الكريم إنما يقوم بها الحرس الجمهوري لأنها تفرخ الإرهاب . بينما لم يستطع الكثير منهم تفسير أسباب ترديد الصرخة في وحدات الحرس الجمهوري ولا تفسير أسباب وقوف المناطق الزيدية مع عفاش ومقاومة المناطق السنية له فمثلا غالبية المقاتلين في جيش عفاش من ذمار وعمران وصنعاء وصعدة وهي مناطق زيدية وغالبية الذين يقاتلون عفاش هم جميع محافظات الجنوب ومارب وتعز والبيضاء وهي مناطق سنية ولم يستطيعوا تفسير سبب وقوف السعودية ضد عفاش ووقوف إيران إلى جانبه وكذلك حزب الله اللبناني ومليشيا الحشد الشيعي في العراق وجميع الحركات الشيعية في السعودية والبحرين وسوريا والعراق وهذا الغموض الذي لف أتباع عفاش جعلهم فريسة للمتدينين من أتباع الحوثي حيث يقوم الحوثيون باعتقال وقتل المعارضين لهم بمساندة أتباع عفاش مما قد يحدث انتقامات مستقبلية يقوم بها أهل المخطوفين ضد العفاشيين الذين ساندوا الحوثي
وأهم ما جاء في هذه الدراسة أن نسبة المؤيدين لعفاش في محافظات الشمال تقترب من 70% من الشعب وهذا هو سر تعثر جبهات الشمال كجبهة نهم وميدي وصرواح وظهور خيانات كثيرة في أوساط الشرعية . وتزيد النسبة في محافظات شمال الشمال كصنعاء وذمار وعمران وحجة وصعدة حتى تقترب من 80% بينما تقل في البيضاء وتعز وريمة حتى تصل 50% وتستقر في إب عند 65% وكانت نسبة مؤيدي الشرعية منخفضة جدا في جميع المحافظات حيث أظهرت نسبة تأييد الشرعية في محافظات الجنوب السبع أقل من 7% ويعتقد الناس هناك أن الشرعية مجرد باب آخر لعودة الاحتلال اليمني حد وصفهم أما نسبة تأييد الشرعية في شمال اليمن فلا تزيد عن 3% فقط كما أن نسبة التأييد الشعبي لعفاش في الجنوب ظهرت منخفضة جدا فهي لا تزيد عن واحد من الألف حيث لم يبق مع عفاش من المؤتمريين الجنوبيين غير نسبة لا تكاد تذكر وذلك بتحولهم إلى انفصاليين خلال حرب 2015م
وكان الباحث أبو البراء القاسمي قد أكد أن التحالف العربي يعول على الدعم الشعبي اليمني لشرعية هادي التي أكسبته شرعية في تدخله بالشأن اليمني ناسيا أو متناسيا العمق الشعبي الكبير لعفاش ذو الأصول الزيدية التي سببت تأخرا كبيرا في العمليات الحربية في نهم وصرواح وميدي وصعدة وتعز والجوف وذلك بسبب الارتباط العقائدي الكبير في صفوف الزيدية التي ينتمي لها عفاش والتي تميزت بتقديسها للزعامات الزيدية باعتبارهم من نسل الحسين والحسن أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين والزيدية معروفين بولائهم المطلق لزعاماتهم وطاعتهم العمياء لهم وتكفيرهم لمن يحاول منافستهم على تقلد أمور السلطة وهذا سر رفضهم لسالم البيض ونكثهم باتفاقية الوحدة اليمنية ورفضهم للقيادات الجنوبية التي كان آخرها هادي وبحاح وغيرهم
وفي الفصل الأخير من الدراسة أظهرت أن 15% من المحافظات الشمالية يعتقدون أن الحرب عقائدية بين المسلمين والشيعة التي تحاول إيران فرضها على أهل اليمن ويبررون تدخل السعودية في الحرب بأنه لحماية المقدسات الإسلامية ويرون أن عاصفة الحزم جاءت في الوقت المناسب والتي حالت دون تمكن الحوثيون الشيعة من إحكام قبضتهم على مفاصل الحكم في اليمن
3- توحد غالبية الشماليين في العقيدة السياسية حيث يعتقد نسبة كبيرة منهم بأن السلطة لا تكون إلا لإمام زيدي ويكفرون من ينافسه عليها ففي مناطق شمال الشمال يعتقدونها تدينا وفي مناطق جنوب الشمال كتعز وإب يقلدون آبائهم ويتناقلونها عبر الأجيال بسبب الاحتلال الزيدي لبلادهم لفترة طويلة جدا
التوصيات
خرجت الدراسة بتوصيات مثيرة جدا حيث كانت على النحو التالي - توصي التحالف بعدم الاعتماد على القيادات العسكرية الميدانية من الذين كانوا يعملون تحت إمرة عفاش سابقا إلا من كان منهم ينتمي للإخوان المسلمين والسلفيين والتخلي فورا عن الذين ينتمون للزيدية
- توصي الدراسة الرئيس هادي بعدم الزج بالجنوبيين في حروب الشمال إلا إذا كانت جبهتهم خالصة لا يوجد بها شماليين حرصا على سلامة القادة والأفراد من الغدر والخيانة باغتيالهم من الخلف أو نقل أخبارهم ومواقعهم للجيش الحوثي
- توصي الدراسة قادة الجيش الجنوبي بعدم الإندماج مع المواطنيين الشماليين في المناطق التي سيطروا عليها أو الخوض معهم بأي كلام يخص انتصارات الجيش والمقاومة الجنوبية أو اتخاذ صحفيين شماليين أو مراسلين من جبهات القتال ينتمون للمحافظات الشمالية وقد قتل الكثير من القيادات بسبب وجود جنود ومرافقين أو مواطنيين شماليين نقلوا أخبارهم للحوثيين وحددوا مواقعهم مثل قائد القوات الخاصة السعودية ونائب رئيس هيئة الأركان والعميد الصبيحي وقيادات إماراتية قتلت بناء على معلومات نقلها مواطنون وصحفيون ومرافقون وبناء على نسبة تأييد عفاش في شمال اليمن فأن نسبة الغدر بالجنود الجنوبيين في الأراضي الشمالية ستكون مرتفعة جدا وتوقعت الدراسة ارتفاع عدد الضحايا الذين سيقتلون غدرا من القوات الجنوبية المتوغلة في أراضي الشمال
- وفي الأخير تؤكد الدراسة بأن الوحدة اليمنية الفيدرالية أو غيرها تمثل خطرا على الأمن الإقليمي لعدم تجانس المجتمعين الشمالي والجنوبي في العقيدة السياسية والتي ستكرر الحروب والقتال لقرون طويلة وذلك لعدم رضى الشماليين بأي نتيجة انتخابات قد تفرز رئيسا اتحاديا لا ينتمي للمجتمع الزيدي وهو ما حدث طيلة ألف ومئتين سنة ماضية
نقلها لكم واختصرها الدكتور طارق الهاجري / رئيس قسم العلوم السياسية / صنعا؟ بتصرف واستئذان من
مركز القاسمي للدراسات الاستراتيجة - صنعاء - الصافية - / 20فبراير 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق