*اليمنيون لا يتعظون من هجرتهم*
طرد اليمنيين والاستغناء عن خدماتهم، ليست المرة الأولى من قبل المملكة العربية السعودية، ولن تكون بالأخير، لأن اليمنيين لا يتعظون، ولا يقرأون سير التاريخ، في خلال المائة السنة الماضي، تعرض اليمنيين لما يقارب لأكثر من ثلاث كوارث. فبعدما ان يتكاثر أهل البلد الأصليين. وتضيق عليهم سبل العيش، وتنتشر بينهم البطالة، وتدخل بلدهم في الفوضى، وتعم الاضطرابات الاجتماعية، فيحاول حاكم تلك البلاد، إخماد الفتنة، عبر إتهام المهاجرين والوافدين. ويتخذ إجراءات أولية، بطرد الوافدين والمهاجرين، وهم الحلقة الأضعف والأسهل.
ففي بداية سبعينات القرن الماضي، دخلت دولة الحبشة ( أثيوبيا) في فوضئ، سياسية واجتماعية واقتصادية، فما كان من الحاكم آنذاك، الإمبراطور هيلاسيلاسي، إلا أمر بطرد الوافدين في أغلبهم من اليمنيين، والذين يمثلون أكبر الجاليات العربية في الحبشة، ويمتلكون العديد من المصانع، والمنشآت العملاقة، والاعمال التجارية الضخمة، ويمارسون كل الحرف، مما جعلهم عرضة للإيذاء من السكان المحليين، ويعتبرونهم الناهبين الرئيسيين لخيراتهم، فعليهم الرحيل من البلاد. وأما الذي ظل متمسك بأرض الحبشة من المهاجرين من اليمنيين ، ولم يخرج بالكلام الطيب تمت مضايقته، بكل السبل، من خلال التعرض للضرب في الشارع، من قبل العصابات التي انطلقت بالتزامن مع الفوضى التي تعيشها الحبشة، فلا احد يستطيع حمايتك، وعندما تصل لأقرب مركز للشرطة، يتحدثون معك بكل بساطة، عليك بالرحيل، وإلا سوف تتعرض يومياً لتلك الاعمال البلطجية، فيرغم المغترب أو المهاجر لبيع ممتلكاته بأرخص الاثمان لأهل البلاد الأصليين.
المشكلة في اليمنيين ، ليس في بلدان المهجر، المشكلة ان اليمني حينما يهاجر، لا ينظر الى بلاده كمركز، ممكن زيارته بين فترة وأخرى، ويبني له مسكن، أو مشروع تجاري يتابعه من المهجر، لا بل يغرق في بلاد الغربة، ويظنها بلاده الأصلية، ويتزوج منها، ويعمر بناء الدور، ويصنع علاقات واسعة، ويظن نفسه أحد رعاياها، كفرد من اهل تلك البلاد الاصليين. ولكن في الواقع ،والوثائق، والمستندات يعتبرونه من المهاجرين الوافدين الغرباء . سيأتي اليوم الذي سيتم طرده ويخرج، ويترك كل ما عمله، لأهل البلاد الأصليين، حين يكثر السكان، وتقل الإعمال التجارية، وتظهر المشاكل الاجتماعية. والغريب في الأمر ان اليمنيين لم يتعظوا من تلك النكبات والنكسات، والتي لاحقتهم عبر التاريخ، ولم يضعوا لها المعالجات الحقيقة، التي تحميهم من تلك النكبات المتكررة، فبعد نكبة الحبشة، جاءت نكبة كينيا، والصومال، ونكبة دخول العراق الكويت، واليوم في المملكة العربية السعودية، وفي القديم في جاوا والهند.
الجدير بالملاحظة في الهجرات اليمنية، ان هناك فرق بين المهاجر اليمني. والمهاجر المصري، واللبناني، والسوداني. فهؤلاء يهاجرون بأنفسهم فقط من دون ان يستقدموا أهلهم الى المهجر، حتى يوفروا ثمن الشقة، والسيارة، والارض الزراعية في بلاده الأصلية، ومن ثم إذا كان عمله يدر عليه أموال كثيرة، يستقدم أسرته، لفترة معينة، ومن ثم العودة الى الأهل والديار، فالبيت، والسيارة، والأرض الزراعية التي أصبحت أشجارها تعانق السماء. في انتظاره، وبهذا حقق كل أهدافه من خلال سنوات لا تتجاوز العشر. أما أصحابنا اليمنيين، ما إن يجلس سنة في المهجر، حتى يستقدم الاسرة، وحين تدق ساعة الطرد، يبدأ في الحساب، خلاص فات الميعاد. لا هو بنى في بلاده المسكن، ولا بنى المنشآت، كاحتياط في حالة العودة القسرية.
فالمهجر مهما كان لن يدوم، سيأتي اليوم الذي سيطلب منك أهل البلاد الأصليين المغادرة، ان لم تكن انت شخصياً في وقتك، ففي زمن أولادك، فسيأتون الى البلاد والديار، وهم لا يعرفون احد. علاقاتهم بأهلهم وأ قرباءهم في البلاد قد سادها الفتور، سيصبحون عاله على المجتمع اليمني، في ظل أوضاع اقتصادية مزرية عليهم يصح المثل "عريان نبع فوق مخلوس " ستلاحقهم في اليمن البطالة، والتشتت. سيظل غريب ولاجئ في وطنه.
ومن أجل ان لانقع فيما وقع فيه أخواننا الذين عادوا خاويين اليدين، علينا ان نقرأ التاريخ ، ونأخذ العظة والعبرة من الأخطاء الذي أرتكبوها، فلم تدم لهم السعودية، برغم ماعاشوا فيها من سنوات، و البعض منهم ولدوا وتربوا وعاشوا مايقارب الخمسين عاماً، قدمواعصارة شبابهم، وافنوا أعمارهم في خدمتها، في النهاية فانت الغريب والأجنبي، وهو ابن البلد الأحق بخيراتها.والسعودية كغيرها من البلدان، تعتبر المهاجرين أجانب من حقها القانوني، ان تطالبهم بالرحيل. فلهذا علينا ان يكون شعارنا " عز القبيلي بلاده"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق