لمن لديه شك بأن الجنوب العربي لايمس لليمن بشيء يقرأ هذا الخطاب لمندوب الجنوب في الأمم المتحدة
من ذاكرة التاريخ ..
خطاب استقلال الجنوب للسيد / شيخان الحبشي "أمين عام رابطة الجنوب العربي" عام ١٩٦٣ في الأمم المتحدة .. يجب أن يطلع عليه الجيل الجديد من أبناء الجنوب ...
فما أشبه اليوم بالأمس ...
كلمة اﻻستاذ / *شيخان الحبشي* أمين عام الرابطة ، رحمه الله و اسكنه الجنة، امام لجنة تصفية الاستعمارفي هيئة الامم المتحدة
رئيس الجلسة:
في 16ابريل 1963م -
وافقنا على اعطاء فرصة التحدث الى احد المندوبين الوطنيين وهو *السيد الحبشي* سكرتير رابطة ابناء الجنوب العربي واْنا بدوري اْدعوه ليقف على منصة اللجنة .
اْنني ادعو *السيد الحبشي لالقاء كلمته..*
*الاْستاذ الحبشي :*
السيد رئيس الجلسة , السادة الاْعضاء الموقرين
يجب على قبل كل شيء اْن اعلن شكر واْمتنان شعب الجنوب العربي نحو الاْمم المتحدة كمنظمة دولية وكاْعضاء في هذه المنظمة فقد استطاعت المنظمة اْن تحقق استقلال كثير من الاْمم الاْفريقية والأسيوية واستطاعت اْيضا اْن تكفل الى حد كبير السلام والأمن للعالم بيد اْن مايستحق الشكر والاْمتنان بوجه خاص هو اْن قد اْصدرت قرارها الدولي الخاص بالغاء الاستعمار ومنح الاستقلال لكل الشعوب والاقطار المستعمرة وبوجه اْخص اْنشاء الجمعية العامة هذه اللجنة كتنفيذ نص ومعنى بنود القرار كيما تستطيع جميع الشعوب والمناطق المحتلة اْن تحصل على اْستقلالها ..
لقد حضرت الى الاْمم المتحدة في عام 1959م ظانا اْني ساْطرق اْبوابها اساْلها اْن تمنحنا الاْستقلال .. وكان الاعتقاد اْنذاك اْن الاْمم المتحدة تستطيع اْن تفعل شيئا ،غير اْنها لم تكن قدْ اصدرت قرار منح الاستقلال وكذا فقد علمت من الجميع وكنت اْعتقد اْنني لن اْحصل واْتمتع بحق الأستماع في المنظمة مالم اْهدد السلم العالمي، واْريق الدماء وارتكب التخريب والقتل وكثيرا من اْعمال العنف عندئذ فقط اْستطيع لفت نظر الاْمم المتحدة..
والاْن وقد صدر القرار المشار اليه اْنفا نستطيع معشر اْبناء الجنوب العربي اْن نتمتع بحق الاستماع والكلام والفضل يرجع الى الاْمم المتحدة، ورغم ذلك فاْن كثيرا من ذوي النوايا الطيبة في العالم مازالوا يعتقدون اْن الاْمم المتحدة لاتلتفت الا الى اْراقة الدماء والقتل والمذابح والتخريب واْعمال العنف لاْن الاْمم المتحدة عودتهم على مثل هذا الاْعتقاد ،واْنا اْعتقد اْن الاْمم المتحدة يجب اْن تزيل هذه الفكرة باْعمالها وتصرفاتها في السنيين القادمة، ولاسيما اْزاء الجنوب العربي .ْ
ان الجنوب العربي جزء من العالم العربي ومن السهل جدا اْن يفعل اْهله مثلما فعل الجزائريون والقبارصة فيريقوا الدماء ويزهقوا الاْرواح فيحصلوا على اْحترام الاْمم المتحدة لرغباتهم واْهدافهم ..لقد اْتيت الى الاْمم المتحدة بتوجيه من اْبناء الجنوب العربي وكلي ثقة واْيمان باْن الاْمم المتحدة ستقوم بتنفيذ قرارها العالمي دون حاجة الى مالايلزم من اْراقة الدماء وارتكاب اْعمال العنف ..اْنني اْرى اْن اْمام الاْمم المتحدة فرصة طيبة لتثبت اْنها قادرة على تنفيذ قرارها واْنها حريصة على الضعفاء والمستعمرين وحقن دمائهم حرصها على حياة الاْمم القوية .. وارجو اْلا يؤدي حضوري الى الاْمم المتحدة ولجوئي اليها الى الاْستهانة بتصميم شعبي الاْكيد على مواصلة كفاحه لنيل حقه اْلا وهو الحرية، فعلى الاْمم المتحدة اْن تلتزم بقراراتها فهي منظمة اْمم متحدة، لااْمم متنافرة تنصر الحق والعدل ..واذا تحقق العدل في كل مكان انتصر السلام والاْمن ..
ان قضية الجنوب العربي واضحة وبسيطة وسهلة الفهم اذا تحاشينا التعقيدات الكامنة خلفها*
انها قضية شعب مستعمر اْعني شعب الجنوب العربي يعيش في ظل الحكم البريطاني وتحت سيطرته، ليس له تمثيل لدى اْي تنظيم اْو هيئة عالمية ولايتمتع بعضوية المجتمعات الحرة ..
هذه هي قضية الجنوب العربي اْنه قطر مستعبد وعلى الاْمم المتحدة اْن تجعله قطرا حرا..
ان عالم اليوم لم ير من قبل قطرا صغيرا قليل السكان متاْخرا الى حد كبير يراْسه هذا العدد الغفير من الحكام، ومقسما الى هذا العدد من الولايات لكل منها علمها الخاص وضرائبها الجمركية كالجنوب العربي ..
في الجنوب العربي عدد من الولايات يضاهي عدد ولايات الاْمريكيتين، فيه حوالي 23 ولاية اْو تزيد برؤسائها من اْمراء وسلاطين وشيوخ , هم اْنفسهم ليسوا الا عبيدا لغيرهم لاحول لهم ولاقوة ..
اْما في المجالات الخارجية فالجنوب العربي وحدة سياسية لاتتجزاء رغم انه داخليا مقسم الى هذا العدد الكبير من الولايات كل واحدة منها مستقلة تماما عن الاْخرى الا اْنها تخضع جميعها لعدن ..وعدن مستعمرة هذا هو الحال في الجنوب العربي واْي حال ؟!..
وطالما اْن حقيقة الاْوضاع هناك لازالت خافية على هذه المنظمة فاْن من واجبي اْن اكشفها واْبينها , لارغبة في التشهير والفضيحة ولكن لاحقاق الحق وكشف القناع عن الواقع المرير الذي يعيشه ذلك الصقع التعس ..
ماهو الجنوب العربي ؟
ان بلدي كما ذكرت يتكون من مستعمرة عدن - وهي مجرد مدينة - وعدد من السلطنات والامارات والمشيخات لايعلم عددها اْحد لاْنها تتكاثر من وقت لاْخر , كل هذه المنطقة وهي وحدة في نظر العالم الخارجي تقع على الساحل الجنوبي الغربي من بلاد العرب اْما عدن فتبلغ مساحتها 75ميلا مربعا فقط بينما تبلغ مساحة عدن والمحميات حوالي 112الف ميل مربع ..وكانت قد قسمت منذ عهد طويل الى سلطنات واْمارات متعددة كل واحدة تتبع شيخا ..ثم جاءت قوات المملكة المتحدة في عام 1839م الى عدن واْحتلتها بالقوة الحربية واْختطفتها من سلطنة لحج ..ومنذ ذلك العام استطاعت سلطات المملكة المتحدة في عدن اْن تخضع جميع شيوخ المنطقة وتربطهم بالسلطات البريطانية في عدن ولندن، وهكذا تدرج الشيوخ حتى اْصبحوا رؤساء ولاياتهم اْمام مواطنيهم اْما بالنسبة للمملكة المتحدة فليسوا سوى عبيد لاحول لهم ولاقوة لايملكون حق التصرف بدافع من رغباتهم واْهدافهم ويتحتم عليهم طاعة وتنفيذ اْوامر ونصائح سلطات المملكة المتحدة في عدن , وقد اْرتبطوا بما يسمى معاهدات الحماية ومعاهدات الاْستشارة ..
انهم بمقتضى معاهدات الاْستشارة محرومون من اقامة علاقات اْو الاتصال اْو التفاوض مع اْي جهة في الداخل والخارج الا بعد موافقة الحكومة البريطانية بعدن ولايستطيع اْي منهم التفاوض مع شيخ اْخر ولو كان جارا له دون موافقة الحكومة البريطانية في عدن .. وبمقتضى هذه المعاهدات قسمت المنطقة الى وحدات سياسية متعددة وزاد استعبادها وتقييدها اْزاء العالم الخارجي وقد كان واضحا للجميع اْن بريطانيا كانت -ولعلها لازالت- تطبق سياسة (فرق تسد)..
تلك كانت حالة الجنوب العربي صحيح اْن عدن ربما تكون ذات اْهمية بالنسبة للملاحة التجارية ولكن هذا لايحتم بقاءها تحت الاْحتلال العسكري البريطاني ..وطالما اْن المملكة المتحدة قد فرضت وصايتها كاْمر واقع فيجب عليها اْن تقوم باْرتباطات وواجبات الوصياية الصالحة -فتطعم من اْستوصت نفسها عليهم وتقدم لهم العلاج وترعى مصالحهم وهو مالم تفعله المملكة المتحدة , فلم تطعم اْبناء البلاد ولم تاْبه لصحتهم ولم تنم مصالحهم الاْقتصادية اْو الاْجتماعية اْو السياسية اْو الثقافية باْي حال من الاْحوال فحتى عام 1956م لم يكن بالجنوب العربي اْية مدرسة ثانوية عدا مدرسة واحدة في عدن وهي احدى مستعمرات التاج البريطاني , ولم يكن في البلاد طبيب من ابنائها ..ونقلا عن تقرير اللجنة الخاص بالمعلومات المتعلقة بالمناطق المستعمرة ليس بمستشفيات الجنوب العربي كله اْكثر من 104 اْسرة بينما يبلغ عدد السكان حوالي مليون ونصف المليون .. هذا ما حققته الوصية التي نصبت نفسها على المنطقة
اتفاقيات الحماية والاستشارة
اْن اْهل بلدي -اْبناء الجنوب العربي - كانوا خلال السنيين الماضية قد اْوهموا اْنهم مرتبطون بمقتضى اتفاقيات الحماية والاستشارة بالخضوع والاذعان لاْي اْوامر اْونصائح تصدر عن الضباط السياسيين البريطانيين في المنطقة واذا حاول بعضهم -كما فعل واحد منهم - دحض هذه الاْتفاقيات والقول ببطلانها بمقتضى القانون الدولي سارعت السلطات البريطانية بعزلهم وسجنهم اْو نفيهم ولم يكن في عدن رجل قانون واحد يستطيع اْن يصرح براْيه السياسي معتمدا على معرفته وكفاءته القانونية ويصارح مواطنيه باْن تلك الاْتفاقيات باطلة وانها مخالفة لمقتضيات ومفاهيم القانون الدولي، لاْنها اْبدية ولمصادرتها لحرية شعب باْسره، وعندما فعل المحامي الاْنف الذكر ذلك حرم من العودة والعيش في بلاده، وبقي يتجول من عاصمة عربية الى اْخرى ..ذلك مافعله فيه تهور الضباط السياسيين البريطانيين في عدن ..وكم حاول اْبناء بلدي التعبير عن اْهدافهم ورغبتهم في الحرية وسلكوا في محاولاتهم طرقا سلمية ولكنهم في كل مرة قوبلوا بالعسف والاْعتداء وكل اشكال الاضطهاد - مثلا لما تبنى سلطان لحج ( وهو سلطان متحرر ذو صلات شخصية بالعالم الخارجي بحكم هوايته للاْسفار ) الحزب الذي اْنتمي اليه ولما شارك الشعب غاياته ورغباته المشروعة عزلوه وسارعت القوات البريطانية الى سلطنته واْحتلتها عسكريا في 18ابريل عام 1958م ومنع من البقاء في عاصمته (لحج).. وسلطان اْخر هو السلطان محمد بن عيدروس السلطان الشرعي على يافع السفلى والذي كان يمثل الاْهداف والمطالب الوطنية والحركة التحررية، عزل هو الاْخر وطرد , فاْضطر الى اللجوء الى جبال الجنوب العربي وليحمي نفسه ضد الهجمات المسلحة حمل السلاح وقد كان محقا فيما فعل فلم يكن باْمكانه رد الهجوم بغير حمل السلاح.. ومثل اْخر هو السيد محمد علي الجفري الذي كان رئيسا لرابطة اْبناء الجنوب العربي , اْنه لما قاد مواطنيه بطريقة سلمية وحاول توعيتهم وتعريفهم بحقهم في الحرية، عزل ونفي وحرم من العيش في بلاده وهو الاْن يتنقل بين العواصم العربية .. وقد طرد كثير من زعماء الجنوب العربي بعضهم نفي الى الخارج وبعضهم شردوا في الجبال وفي اليمن والمملكة العربية السعودية واْندونيسيا اْلاف من اللاجئين يعيشون هناك هربا من الموت... وبسبب الاضطهاد والعدوان اللذين ترتكبهما السلطات البريطانية في عدن وبصفة اْخص في جهات اْخرى من الجنوب العربي وسلطناته ’ يسيطر على عدن سيطرة مباشرة ضباط سياسيون بريطانيون ملزمون الى حد ما بمراعاة مقتضيات العدل والضمير - واْكرر الى حد ما - وبعض المناطق من السلطنات والمشيخات لم يحكمها الانجليز اْنفسهم ولكنهم ولوا على كل منها شيخا واْعطوه سلطات لاحد لها ’ يمارسها تحت رقابة السلطات البريطانية في عدن فاْذا وجد ذلك الشيخ اْحد منشورات الحركة الوطنية في حوزة اْحد المواطنيين سارع الى سجنه غاشما لمدة عشرين عاما دون ابداء اْسباب ودون محاكمة اْو اعطائه اْية فرصة للدفاع عن نفسه وربما فرض عليه اْيضا غرامة كبيرة .. هذا حال اْبناء بلدي في الجنوب العربي وهكذا يعيشون في فزع وخوف من اْن يسجنوا دون اْي سبب اْو جرم مما قيد حركة كل الاْفراد هناك وهذا سر فشل اْبناء وطني في عدم الاْفصاح لكم عن رغباتهم واْهدافهم التي يكافحون من اْجلها فاْذا زال عنهم الخوف والوجل، فسوف ترون باْنفسكم وتعرفون تعطشهم الى الحرية والوحدة ومشاركة اخوانهم العرب في نضالهم السلمي والاْسهام في التقدم والحضارة الاْنسانية ..
رابطة اْبناء الجنوب العربي
ورابطة ابناء الجنوب العربي - وهي منظمة يعترف بها رسميا داخل عدن رغم عدم شرعيتها خارجها - قد اْعلنت في عام 1956م غايات ومطالب شعب الجنوب العربي الا وهي :
اْولا : الغاء السيطرة البريطانية اْو اْي سيطرة اْجنبية على الجنوب العربي (عدن والمحميات).
ثانيا : اْن تصون الاْمم المتحدة وجميع الاْمم وتحمي وتضمن وحدة هذه المنطقة الصغيرة التي يسكنها مليون ونصف المليون من السكان يعيشون في بؤس بحيث لاتتعرض في المستقبل لاْي تجزئة فتكون عدن وحضرموت ويافع وباقي مايسمونها بالولايات وحدة سياسية وقانونية لاتتجزاء..
ثالثا : اْن تنتقل جميع السلطات ومقاليد الحكم الى الشعب الى السكان لا الى السلاطين وغيرهم من العملاء الذين سخروا لاْضطهاد الشعب ..ولتحقيق هذه المطالب لشعب الجنوب العربي يجب قبل كل شيء اْن يزول عنهم الخوف والوجل وعلى الاْمم المتحدة اْن تثبت وجودها في المنطقة واْن تراقب الاْحتياطات اللازمة لازالة الخوف والفزع عن اْبناء وطني ...
عندما اْعلنت رابطة ابناء الجنوب العربي لاْول مرة في عام 1956م اْهداف وغايات ومطالب اْبناء الجنوب العربي قابلتها المملكة المتحدة بالعنف وعملت على مقاومتها، بدلا من مساعدتها والوقوف بجانبها فنفت قياداتها ورئيسها من المنطقة واْمينها العام، بينما يقيم الكثير من زعماء المنظمات خارج البلاد، وفي خارج عدن سجن الكثير واْكرهوا على مغادرة البلاد والعيش في اليمن اْو المملكة العربية السعودية وقد قامت مظاهرات كثيرة في عدن مظاهرات شرعية سلمية لها مايبررها للتعبير عن ارادة الشعب ونواياه الطيبة فقوبلت بالعنف والاْضطهاد من جانب الحكومة ،قتل الكثير وفي المناطق القبلية كانت بعض القبائل تعطف وتتجاوب مع الحركة الوطنية فكان جزاؤها اْن ضربها سلاح الجو الملكي البريطاني بالقنابل والمدافع الرشاشة والصواريخ وهدمت القرى وقتلت المواشي واْحرقت المحاصيل ،ولازالت هذه الجرائم تقع يوميا حتى وقتنا هذا من جانب سلاح الجو الملكي البريطاني وقد اعترف اْحد وزراء بريطانيا بكل هذا في مجلس العموم ولعله تفاخر به معلنا اْن ضرب هذه المناطق بالقنابل كان الوسيلة الوحيدة للمحافظة على سلطة بريطانيا فيه ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق