ترتجف يدي عندما آخذ قلما ويتقطع القلب ألما وأجد غصة في الحلق لأول مرة أجد قلمي جافا أشحذ مداده واستجديه محاولا أن أكتب عن رجل أتهيب فكرة الحديث عنه كوني أعترف أني لن أوفيه حقه.
*****
ففي يوم الأربعاء 27/ رمضان / 1441ه الموافق20/ 5 /2020م تجرعنا مرارة الفقد والفراق بنبأ رحيل الأخ الحبيب المجاهد المقدام الأستاذ أبو صالح محمد أبو بكر محمد صباح سنان البكري اليافعي رحمه الله
*****
كان الخبر له وقع مؤلم كأشد مايكون الألم والوجع. دمعات ولهيب في النفس لا يطفئه إلا الاسترجاع فإنا لله وإنا إليه راجعون. والحمد لله حتى يرضى وله الحمد إذا رضي.
فلا شفاعة في الموت… هكذا هي مشيئة الله وتلك سنته في خلقه. فكم هو مؤلم ذلك الفراق وكم هي جارحة لحظات الوداع. وما بنا على فراقك حيلة فقد مضت سنة الله ( فرفعت الأقلام وجفت الصحف)
*****
فأبو صالح كان القائد الشجاع الذي لا يشق له غبار. والخطيب الذي لا يثنيه عن قول الحق لوم لائم. والأستاذ الذي يخلص في عمله.
ومن زامله يعرف له ذلك كله.
جمعت فيه الشجاعة والكرم والنبل والتواضع وجمال الروح والتقوى وحب الخير للجميع ونبذ التعصب لطائفة أو لمذهب أو لشخص وكم سمعناه ولسانه يلهج بقوله عليه السلام : ( وخير الهدي هدي محمد).
*******
فيا لجمال مجالسته الطيبة.
ويا لروعة روحة المتواضعة. ويا لصفاء ابتسامته التي تزين محياه حالما يلتقي الناس.
*******
رحل عنا لكن ذكراه لا تفارقنا وملامح وجهه البشوش لا تغادرنا.
ستفتقده ميادين القتال لأنه كان قائدها. سيفتقده منبره ومسجده لأنه كان خطيبه وإمامه.
ستفتقده مجالس الذكر لأنه هو رائدها
سيفتقده طلابه لأنه كان لهم نعم المربي وخير ناصح. سيفتقده إخوانه ومحبوه لأنه كان لهم أنيسا.
*******
عاش حياته في خدمة دينه ومجتمعه مصلحا بين الناس حريصا على هداية الناس إلى سبل الهدى وطريق الرشاد.
هذه شهادتي فيه وإن كانت شهادتي فيه مجروحة فهاهي جموع المعزين من قريب وبعيد تشهد له بالخير. والألوف المؤلفة تنبئ عن مكانته وتحكي قصة حياته.
*******
وداعا أيها الأخ الحبيب والصديق العزيز نقولها والدمع ينسكب منا على المآقي والقلوب تتقطع ألما وحرقة على فراقك نقولها ولسان الحال منا قول الشاعر:
أودعكم بدمعات العيون* * أودعكم وأنتم لي عيوني.
أودعكم وفي قلبي لهيب* * تجود به من الشوق شجوني.
أراكم ذاهبون ولن تعودوا* * أكاد أقول إخواني خذوني.
فلست أطيق عيشا لا تراكم ** به عيني وقد فارقتموني.
ألا يا إخوة في الله كنتم* * على الأزمات لي خير معين.
وكنتم في طريق الشوك وردا* * يفوح شذاه عطرا في غصوني.
*******
وقول آخر:
لقد أبكرت يا رجل الرجال ** وأسرجت المنون بلا سؤال.
فأججت الأسى في كل قلب ** وجارحة فما أبقيت سالي.
خسرنا الحلم والخلق المزكى* * خسرنا هيبة الرجل المثالي.
فلم أتوقع المأساة أصلا* * ولا حضرت ولا جالت ببالي.
رحيلك يا صديقي كان مرا* * وأطفأ النور في حلك الليالي.
تؤم الناس بيتك كي يعزوا* * ولكن من يعزيني بحالي.
*******
عذرا أيها القارئ الكريم. أجدني عاجزا عن الكتابة كونها لم تشف غلة ولم تطفئ لهبا يتأجج بداخلي لعظم الخطب وجسامة التقصير.
******
هذه بعض من صفاته التي تحلى بها في حياته وحال صحته حتى أصابه البلاء الذي يرفع الله به الدرجات ويغفر به الخطايا وعلى إثر ذلك فارقنا وخرج من هذه الدار في خبر زلزل الأسماع وتصدعت له القلوب. ولكن نتعزى بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتعزى بعدد من علامات حسن خاتمته ولعل أرجاها وقت وفاته التي كانت في رمضان وفي إثر ليلة مرجوة أن تكون خيرا من ألف شهر.
فعليك سلام الله وقفا فإنني *** رأيت الكريم الحر ليس له عمر.
******
ولا أنسى وأنا أضع قلمي أن أعزي فيه والده أبوبكر محمد أحمد وإخوانه صالح أبوبكر وسنان أبو بكر والولاده صالح محمد وأبو بكر محمد وأحمد محمد وكافة أسرته الكريمة وآل سنان وآل بني بكر والحد ويافع عامة وجميع أصحابه ومحبوه.
راجيا من الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه وأن يكرم نزله ويوسع مدخله
وإلى جنة الخلد بإذن الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا
والحمد لله رب العالمين
وإنا لله وإنا إليه راجعون
أهل السنة السلفيين في بني بكر
*******
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق