عن مستحقات المتقاعدين*
_____________________
______________د. عيدروس نصر ناصر
هم ليسوا متقاعدين بل مقعدين قسرا وبقرار استبعاد اتخذه رئيس النظام بعد اجتياحه للجنوب وجاء ذلك كجزء من سياسة الهدم والاستئصال لكل ما يذكر الناس بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
صَبَرَ هؤلاء الأبطال وكابدوا المرارات وعانوا شظف المعيشة في حين أقلهم يحمل شهادة بكلاريوس علوم عسكرية وبعضهم لم يبلغ من العمر منتصف الثلاثينات، لكن صبرهم تمخض عن ثورة سلمية شهد لها القاصي والداني عندما دشنوا ثورة المتقاعدين العسكريين التي استجاب لها كل الشعب في الجنوب بعد ما فاض به الكيل وبلغ به السيل الزبى.
وعندما تعرض الجنوب للغزو الثاني هب معظم هؤلاء الأبطال لينخرطوا في معركة الدفاع عن عدن والحواضر الجنوبية وكانوا بجانب شباب المقاومة الجنوبية وقوات التحالف العربي، النصير الأقرب لشرعية الرئيس الذي انقلب عليه من اختاروه، ولم يعد بخافٍ على أحد ما قدموا من تضحيات وما سطروا من مآثر، فأنصع ثمارها بادٍ للعيان وهو عودة الرئيس والحكومة الى العاصمة عدن بعد أن ظن الكثيرون أن استعادتها ابعد من السماء.
الحكومة التي أعادها هؤلاء الأبطال إلى عدن ومعهم كل فئات وشرائح المقاومة وقوات التحالف العربي الشقيقة، وسلموها ثمار انتصاراتهم، شرعت في معالجة الكثير من القضايا المتصلة بنتائج الانقلاب وما بعده وأعادت الكثير من الحقوق لأصحابها بل ووصل الأمر إلى إرسال مرتبات المدنيين والعسكريين في المحافظات الخاضعة للجماعة الانقلابية وتسليم المرتبات للمقاتلين الذين يدافعون عن الانقلاب ويواجهون الشرعية وأنصارها ، لكن المتقاعدين الجنوبيين بقيوا كما كانوا منذ العام 1994م ومضى على بعضهم أكثر من ستة اشهر بلا مرتبات يقتاتون التمنيات ويتجرعون الآمال والآلام وينامون على سراب الوعود التي لم تحقق.
بالامس وقع في يدي منشور هو عبارة عن رسالة مناشدة للاخ رئيس الجمهورية من ضباط وجنود اللواء الأول مشاة بحري يشرحون فيها معاناتهم مع لجنة المرتبات، المنشور طويل لكن ملخصه أنه تم استدعاؤهم الى مدينة المكلا لاستلام مستحقاتهم لكن مندوب اللجنة تعرض للاعتقال من قبل البحث الجنائي، وبعد إطلاق سراحه تركهم في المكلا وتحرك إلى عدن بينما طلب منهم رئيس اللجنة (وزير الثروة السمكية) التحرك إلى سيئون لاستلام مستحقاتهم بعد أن كانوا قد استنفدوا طوال أيام الانتظار، كل ما بحوزتهم من مصاريف هي أصلا ديون عليهم أو ثمن مجوهرات نسائهم، ولكم أن تتخيلوا لواءً كاملاً بكل أفراده وقياداته يتنقل مئات الكيلومترات لملاحقة وزير لا يستطيع هو أن يقابلهم في مكان وجودهم.
هذه المحنة التي تعرض لها جنود وصف ضباط وضباط اللواء الأول مشاة بحري و كل هذه البهذلة والتجويع والمعاناة تقدم لنا عينة من معاناة أفراد الجيش والأمن الجنوبيين وعددهم بعشرات الآلاف، المستمرة منذ العام 1994م والتي تتواصل في ظل حكومة شرعية كان هؤلاء جزء أصيلا ممن أعادوها إلى موقعها.
لا يمكننا فهم هذا التعامل مع أفراد وضباط الجيش والأمن الجنوبيين إلا على إنه استمرار للسياسات الانتقامية لعهد صالح ما بعد 1994م، وإن حكومة الشرعية لا تختلف في نظرتها الانتقامية تجاه هؤلاء عن نظام صالح، وبالتالي فعليها أن لا تلومهم إن هم فجروا ثورة ثانية في وجهها كما فعلوها مع المخلوع الذي تقول هذه الحكومة أنها جاءت لتصحيح سياساته الجائرة والنهي عن ممارسات نظامه القائمة على التمييز والظلم والاستبعاد.
أيتها الحكومة الموقرة!
إذا كنتم لا ترغبون في مكافأة من أعادوكم إلى الحكم وسلموكم العاصمة، ويواصلون اليوم تحرير مدن الشمال ليسلموها لكم، وإذا كنتم لا تودون إنصافهم وإعادة حقوقهم التي سلبهم إياها عهد المخلوع، فعاملوهم على إنهم انقلابيين وارسلوا لهم رواتبهم كما أرسلتموها لأنصار الانقلاب إلى صعدة وصنعاء وذمار وغيرها من مناطق نفوذهم.
__________________
* من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق