سلسلة العلوم الزائفة:مقال (1) للاستاذ محسن البكري

موقع بني بكر ||خاص

كتب/الأستاذ :محسن البكري

لاشك بأنه خلال  القرون الحديثة - الأخيرة- من عمر البشر، قفز الانسان قفزة هائلة في مجال العلم والمعرفة والتكنولوجيا؛ وكثير من المجالات التي لايمكن حصرها. بخلاف ما مضى من عمر البشرية الطويل، ولم يصل  لما وصلت إليه البشرية خلال قرنين أو ربما أقل من ذلك.
في الواقع هناك أسباب؛ ومنها أن الإنسان ظل يبحث في القديم بدون مهارات علمية وقواعد صحيحة، فلم يستطع تفسير الظواهر الطبيعية وتطويعها لخدمته الا قليلا جدا.
كما أنه قد وقع كثيرا تحت تأثير علوم زائفة قد ربما ضل أسيرا لها دون فائدة
الغريب انه لا يزال الكثير ممن يقع ضحية لعلوم زائفة حتى في عصرنا هذا،
المنشورات العلمية بحاجة إلى مراجعة.
العلوم تحولت منذ ما يقرب ثلاثة قرون من الزمن من أفكار تأملية وإستنتاجات عقلية، قائمة على التأمل الفلسفي، وأحيانا الخرافة.
تحولت بعدها العلوم إلى علوم تجريبية، وتتبع منهجا علميا سليما فالفيزياء والكيمياء وحتى الطب تم إثباتها بالتجارب والمختبرات، وأثبتت أيضا بالحسابات الرياضية والمعادلات. 
اذن ما هي الأسس الصحيحة للبحث العلمي، ومهارات العملية المعرفية السليمة، لكي نفرق بين البحث العلمي الصحيح وبين الأكاذيب التي تنتشر باسم العلم؛ خصوصا في مواقع التواصل.
وهذه المهارات والأسس كثيرة يمكن عرض بعضا منها على النحو التالي:

١ - الملاحظة: تتضمن القدرة على جمع المعلومات اما بطريقة الحواس أو أجهزة مساعدة للحواس مثل المجهر أو الكواشف الكيميائية وغيرها وهناك أمر ضروري وهو إمكانية رؤية الملاحظة مرات أخرى من قبل أي باحث آخر فقول البعض أن هناك رجلا أو عالما قد لاحظ كذا وغيرها من الأكاذيب، التي تنتشر، كان تقول ان شخصا رأى طبق طائر وقس على ذلك.
لا تعد علما حقيقيا ما لم يستطع الآخرون ملاحظتها مرة أخرى. وان كانت صحيحة فهي لن تدخل حيز المجال العلمي الا بعد تأكيدها للجميع. 

٢:التصنيف: أمضى البشر كثيرا من تاريخهم بتجارب اكتشفوا تأثيرها بالصدفة، دون معرفة سلوك كل تجربة على حدة.
لكن في العصر الحالي وضع التصنيف لكل سلوك ملاحظ على حده، وكل أنواع محدده متشابهه؛ وفق عائلات واصناف مختلفة كتصنيف "العناصر" أو
" الظواهر الطبيعيه" وتصنيف حتى أقسام العلم نفسه "كالكيمياء الحرارية" والضوئية" والنووية" وقس على ذلك...... 

٣-القياس :هذه المهارة من أهم المهارات التي يتطلبها تطوير العمليات العلمية، مثل حساب الاطوال والحجم والضغط درجة الحرارة، ووضع القوانين الرياضية والقيم الثابته لكثير من الظواهر،
 لناخذ مثالا من التاريخ عندما حاول عباس ابن فرناس الطيران انتهى به الأمر إلى الموت لأنه لم يجرب على أسس قياسية حسابية دقيقة، بينما نجح الإنسان في الطيران في العصر الحالي لأنه مشى وفق القوانين والقياسات الدقيقة، احيانا أصحاب العلوم الزائفة يأتي بحجة انك لا تشاهد الجاذبية أو الطاقة الكهرومغناطيسية وعليك أن تؤمن بخرافاته مثل طاقة حيوية وطاقة الجذب النفسي وغيرها من الخرافات، لكن الجواب انك تستطيع قياس قوة الجاذبية وتضعها بلغة الأرقام، وعندما تدخل تردد القنوات، فأنت أيضا وضعت الموجات الكهرومغناطيسية بشكل مقياس- عددي ورقمي- بينما لن تستطيع ولن يستطيع أصحاب العلم الزائف إيجاد وسائل أو وحدات تقيس ما يدعون. 

٣:التجربة: وهذه أهم مهارة بين المهارات، فلا بد من التجربة حتى نصل إلى المعرفة، ولابد أن يكون هناك مهارات وأسس لقبول نتيجة التجربة. لا يكفي فقط أن فلان قد جرب كذا واصبح لديه مثلا- كما تنشر بعض الخرافات- عشبة تعالج "الإيدز" والحصبه"" والعقم" و............ غيرها من هرطقات البعض.
بل لا بد من تفسير آلية حدوث التجربة، واستنتاج ما الذي حصل في التجربة  بناء على المعلومات الاستقرائية والاستنتاجية، بناء على معلومات قياسية حسابية أيضا، فمثلا إذا كانت هناك عشبة تعالج لدغة النحلة مثلا وان كانت فعلا تعالجها، فهي لازالت خارج إطار العملية العلمية. متى تصبح اساس علمي؟ نستطيع البناء عليه 'عندما نفحص أن المادة التي حقنتها النحلة - مثلا- (حمضيه) وعند فحص العشبة نجد بأنها (قاعدة) وهنا التفسير انه حدث تعادل بين حمض وقاعدة .
الان ستصبح حقيقة علمية نستطيع القبول بها وقس على ذالك، اي ادعاء مماثل فيجب فحص مكونات العلاج مثلا وتفسير إليه عمله في الجسم. فهنا يكون بحثا علميا يمكن الاعتماد عليه وكذالك إمكانية إعادة التجربة مرة أخرى فلو قال قائل انه مثلا عند إجرائه تجربة  اكتشف- مثلا- عنصرا كيميائيا جديدا فلا يؤخذ بقوله مالم يتمكن من إعادة نفس التجربة مرة أخرى وكذلك يجب أن يقدم طريقة العمل حتى يعاد تكرار التجربة من قبل أشخاص آخرين في أي مكان في العالم

٤-التفسير المنطقي : والبحث عن الأسباب الحقيقية وتصنيفها، ومعرفة كيفية التعامل معها، اوالاستفادة منها،. لا أن نرميها مباشرة على أوهام وعلى شيء مجهول ومتخيل، كتفسير المرض النفسي بالعين والسحر بدون اي تحري عن الحالة، ونطلق التفسيرات السريعة دون البحث والتقصي، فهناك مئات من الأمراض النفسية صنفت عندما اتبع المنهج العلمي الصحيح. وبعضها قد يكون عضويا كما هو ملاحظ بأمراض الشحنات الكهربائية والصرع حيث كانو لا يتعبون أنفسهم بالتقصي عن الأسباب ويرمون المرض مباشرة على تفسيرات خاطئة، 
هناك الكثير من العلوم الزائفة التي لا تستند على أي أساس علمي مثل :
التنجيم وهذا برج العقرب وهذا برج الحوت وسوف يحصل معه كذا وطبيعته ستكون كذا فهذا علم زائف حتى وإن أصاب احيانا فهو من باب الصدفة لا أقل ولا اكثر
علم الفراسة وخرافات الجذب النفسي والسحر والشعوذه، والأبحاث التي تنشر بأن عالما من الدولة الفلانية  قد اكتشف كذا وكذا، وعندما تتأكد لا تجد حتى ربما اسم العالم حقيقيا اوموجودا
ولا تجد سوى ضلالات.
وأحيانا تضيف رعبا للبعض فدراسة تقول العنب فيه ضرر؛ وأخرى الطماطم، وأخرى الشاي، دون تفسير هذه الأفكار وعلى أي أساس تستند بل إنها هذه الأفكار هي مرض احيانا بحد ذاتها!! "فالخوف" والرعب "والوسوسة" التي تصيب البعض من سماع هذه الأخبار هي مرض بحد ذاتها لست مكذبا لكل الدراسات، ولكن كل دراسة يجب أن تخضع للتأكد منها. 

أعلم ان العلوم الزائفة تشمل كل علم غير قابل للفحص والنقد-(بل يسعى دوما للتأكيد ولا يقبل النقد) ولا يقبل التفسير العلمي الصحيح حتى وإن كان صحيحا حتى يعرض على أسس المنهج العلمي والفحص العلمي 

اخيرا كل دراسة أو علم أو بحث أو تجربه أو معلومة لابد أن تخضع "للنقد" ، و التفسير "و التطوير" فلا توجد فكرة غير قابلة للنقد أو التطوير أو التفسير مطلقا. 
 
الأستاذ :محسن البكري
مجموعة العلم والانسان
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موقع بني بكر يافع تواصل واتس مع المحرر © 2019

يتم التشغيل بواسطة Blogger.