صراع الهوية

موقع بني بكر 

 زيد المردعي

يؤكد التأريخ الازلي بأن ارض عرب الجنوب قد حباها الله وهيأ بها كل سبل العيش ووفر اسبابه لحياة الانسان واستقراره واختصها بالتميز عن غيرها بل وتكاد تكون اول مناطق الارض سكنا"  واقدمها حضارة وسبق تأريخي لبني البشر منذ ان خلق الله آدم عليه السلام كما اختصها الله ذكرا" في اديانه.

اضافة الى ذلك امتازها الله بالموقع الجغرافي الهام الذي يتوسط العالم و الذي يعتبر بمثابة قلبه ورئته لربطه بين شرقه وغربه وبين شماله وجنوبه كذلك تنوع وتعدد ثروات هذه الارض المعطاة الظاهرة منها والاخرى المكتنزة في باطنها اضافة الى مزايا اخرى عديدة جعلت من هذه الرقعة الجغرافية تبدو كجوهرة فريدة من نوعها وغالية الثمن يحلم العالم اجمع في اغتنائها وامتلاكها.

تعتبر ارض عرب الجنوب صاحبة ارث تأريخي حضاري ازلي خاص بها تمتد جذوره في اعماق التأريخ ولاتزال بعض شواهده باقية الى اليوم والذي تنوع وتعدد بتعدد كياناتها ودويلاتها المستقلة وتنوع انظمة حكمها المختلفة و اسلوب حياة الاقوام العربية المتعاقبة التي سكنتها بإعتبارها الموطن الاصلي للعرب الاقحاح  والتي حافظت على هويتها الجنوبية العربية المستقلة والتي وصل نفوذها الى مشارق الارض ومغاربها.

ونظرا" لاهمية هذه الارض الجغرافية والاقتصادية وقيمتها الحضارية والتأريخية فقد   مثلت قديما وحديثا" نقطة ومحور لصراع وتنازع القوى الاستعمارية العالمية وقوى المصالح والنفوذ المتعددة وكانت هدفا" للمشاريع الاحتلالية المختلفة على مر العصور.

لذلك فالصراع والتنازع لامتلاك هذه الجوهرة هو أزلي كان وسيبقى الى ماشأ الله.

 وبرغم تعدد القوى الاستعمارية التي تناوبت على احتلال هذه الارض ورغم استبداد انظمتها لكنها حافظت على الهوية الجنوبية العربية وعلى ارثها التاريخي والحضاري ولم تتعرض له بسؤ مثلما تعرضت هذه الهوية للطمس و تعرض ارثها الحضاري والتأريخي للتحريف والتزوير من قبل الاحتلال اليمني ( الزيدي ) للجنوب في العصر الحديث والذي يعتبر ابشع واقذر وانجس واعتى احتلال عرفته البشرية وشهده الجنوب على مر التاريخ.

فلم يستهدف ذلك الاحتلال الهوية الجنوبية العربية وأرثها الحضاري والتأربخي فحسب بل استهدف الجنوب ارض وانسان وسعى لإهلاك حرثه ونسله وابادة شعبه بتطهيره عرقيا" وتغيير ديموجرافيته السكانية بإحلال سكاني يمني على انقاضه وتغيير جغرافية الارض لإمتلاكها للابد.

ولم تكن المؤامرة اليمنية الاستعمارية على الجنوب وليدة اللحظة بل كانت قديمة متجددة تمثلت بعدة محاولات يمنية لغزو مناطق الجنوب واحتلالها بائت جميعها بالفشل بسبب يقضة وقوة وتماسك الجنوبيون القدماء انذاك ولكنها عاودت بالظهور مجددا عام. 1918 والذي توج باضافة اسم اليمن الى المملكة المتوكلية ليتحول من اسم جهوي الى كيان سياسي وصولا" الى يمننة الجنوب عام 67 لتنتهي تلك المؤامرة بوحدة خلقت ميتة قبل ان تولد عام 90 لتقبر للابد عام 94 بالغدر بالجنوب واحتلاله بالقوة من قبل الشمال وما تلى ذلك الى اليوم يعتبر احتلال يمني للجنوب مكتمل اركانه تتصارع فيه قوى ذلك الاحتلال على الاستحواذ والتفرد بكعكة الجنوب فقط لاغير حتى وأن كانت ادواته جنوبية.

لذلك يعتبر صراع الجنوب العربي مع اليمن القديم الجديد هو صراع ( هوية ) وهي ( مسألة وجود , حياة او موت ) بالنسبة للجنوبيون. إما ان ينتهي هذا الصراع بعودة الهوية الحقيقية الاصلية للجنوب أو يفضي الى يمننته , وحينها فلينسى الجنوبيون اسم ( الجنوب ) وللأبد .

 لذلك على جيل الجنوب اليوم تقع مسؤولية اعادة الاعتبار لهويتهم الاصلية ولارثهم السياسي والتاريخي الحقيقي من خلال خيارين لا ثالث لهما :
إما ان يصححوا التأريخ بإعادته الى مساره الصحيح ليضعوا حد نهائي وفاصل لمسألة تزويره والعبث فيه من قبل قوى الاستعمار اليمني وإما ان يتنازلوا عن هويتهم الجنوبية العربية لصالح اليمن  ليبصموا ويؤكدوا على طمسها وضياعها الى الابد ليقعوا في نفس الفخ الثأريخي الاستعماري اليمني الذي وقع فيه اجدادهم وآبائهم في الماضي القريب والذي لازالت الاجيال الجنوبية المتعاقبة تدفع ثمن ذلك الخطأ التأريخي الى اليوم.

لذلك لن تأتي فرصة ولحظة تأريخية اخرى مثل ماهي اليوم مواتية ومهيأة للجنوبيون لفعل ذلك وهم قادرون فإما ان يغتنموها ليدخلوا التأريخ من اوسع ابوابه وإما ان يفوتوها ليرميهم في مزابله الى الابد لتلعنهم الاجيال .

ويبقى السؤال الأهم الذي سيجيب عنه غدا" الجيل الجنوبي الحالي :
هل اليوم هذه الجوهرة بيد صائغ ام فحام ...؟؟؟
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موقع بني بكر يافع تواصل واتس مع المحرر © 2019

يتم التشغيل بواسطة Blogger.