منصور الصبيحي
كيف ما نرى أبناء الشمال وخصوصا منهم النخبة السياسية التقليّدية المعروفة بانتماءها لتأيّد لي ذراع جنوب 94م يعانون من تفكك وتشرذم، لكنهم عند نقطة نظامٍ واحدة والمسمّى لديهم "بالوحدة او الموت، تذوب كل الحواجز بينهم، لتتوحد كلمتهم بطريقةٍ مفاجئةٍ وفي لحضةٍ فارقةٍ يُصبح الاعتراف من قبلهم بأحقيّة الجنوبين في إستعادة دولتهم المنشودة، باطلاً ومحض هُراء، وإن لم تكن جريمة وخيانة وطنيّة وسياسية يجب التذكيّر والإنتباه منها، هي بحد ذاتها إلحاد وكفر يتعارض مع الوازع الديني والأخلاقي لهم.
وكأنّ المسألة باتت حالة جنونية وهستيرية لا ينفّك عنها اولئك تشبّثاً وتعلّقاً إلا إلى القبر واللحد، وما دونه يعني لمن أراد التعديل في سلوكياته ومواقفه الإنسانية تجاه الجنوبين وقضيتهم، هو بمثابة تراجع عن الثوابت المقدّسة الأحاديّة الجانب، والتي لا يمكن السماح لأي فردٍ كائنًا من كان، صغيرّا او كبيرّا بالعودة عنها.
فالوحدة عند ذلك الطيف المعروف بتميّزه الشللي والعصبوّي والقبلي، ظلت على الدوام تمثل ذا هاجساً وبعدًا استراتيجي وهام مرتبط إرتباطًا جذريّاً بالمصالح وبالأنانيات الضيّقة، التي تتحكم بالشمال اليمني وتصبّ ريعها في خانة النظام وأتباعه، لكنها عند أبناء الجنوب غوغائية وفوضوية ولا تمتلك أدنى معيار ما يمكن وصفها به بالنموذج المقبول والناجح، وهي في أحسن حالها وعلى الدوام تعاني من التثبيط المستمر لعزائم المنادين بضرورة إصلاح مسارها كوحدة، وقبل أن يقع الفأس في الرأس ويحصل ما لا يحمد عقباه، "ولكن لا حياة لمن تنادي، وليبلغ التمادي ذروته، إلى أن حصل ذلك بالفعل، وصدقت نبوءة الأخير ليتجسد حاضراً ذات الشعار نفسه حقيقة ملموسة على أرض الواقع، كاملاً ومكتملاً بشقيه غير منقوص، فالأول على مداه الزمني شيئاً فشيئاً أضمحلّ إلى إن ذاب وإنتهى، ليصعد الثاني "الموت، متربعاً على عرش سيادة الجانبين تفوح رائحته على كل الأرجاء والزواياء قتلاً، ودماراً، وخراباً، وعويل.
القصة اليوم من هذا الشعار لم تعد خافيّة على احد، فقد أوردنا المهالك، وبات يطالنا جميعا بسببه تهديداً وجودياً مستمر، ومن بعد ما أعما بصائراً كثيّرة تخيّل لها إن الجنوب الذي يمدّها بالسعادة ويمنحها الحيويّة والنشاط سيصير يوما ما أرضاً بلا إنسان. لها الحق أن تعمل وتفعل فيه كيف ما شاءت وأرادت.
لكن رغم كل ما حصل ويحصل إلا إننا ما زلنا نشاهد ونرى من هو مصرٍ على متابعة الأخطاء لم يستفد من عبر الماضي، إذ لم نلمس منهم إلى اليوم ذا قامة معتبرة يمتلك الشجاعة الكافية، ليضع النقاط على الحروف مجاهراً أقرانه بقول الحقيقة الدامغة: كأنها قد لا تفهم تلك الطغمة المتحكّمة في مصير أبناء الشمال؛ إن كل ما طالت المرحلة وزاد العبث والعبىء، أرتفع منسوب الحقد، والضغينةعالياً، فلا نرانا إلا يوماً عن يوم نزدان بهذا المشهد نفوراً وفرقة وبذلك يكونوا بأفعالهم المنكرة هذه، قد قطعوا الطريق على الأجيال القادمة عن مد اي جسور للتلاقي والتقارب من جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق