*مضيق باب المندب والبحر العربي صراع المصالح المتعددة والقرصنة البحرية.*
يعد البحر العربي وخليج عدن الذي كان اسمه في الحضارات القديمة خليج العرب من اهم ممرات تجارة النقل البحري في العهود القديمة حيث استطاعت حضارة اول مملكة اسسها العرب الجنوبيون
(حمير الاولى) التي تأسست عام 3200 ق.م
واتخذت من ظفار الشرق او مايمكن ان نسميه ظفار اﻻولى عاصمة لها بعد ظفرها باالمعانيين (المعينيين )الارام الظفر اﻻول هناك وتوسعها في التعامل مع تجارة النقل البحري عبر اشهر موانئء الجزيرة والخليج
قنأ وسمهرم
( حاليا بير علي والشحر )
في ذلك الوقت الموغل في القدم لنقل منتجاتها من اللبان وعود الصندل والصمغ والمر الى بلدان حوض البحر اﻻبيض المتوسط والهند والصين والشرق القديم وهي منتجات في وقتها كانت تضاهي منتجات النفط والغاز في زماننا هذا..
كما طلب الملك المصري ميناء الذي اعتلى عرش الحكم في مصر ايضا عام 3200 ق.م
من ملك العرب الجنوبيون ان يخفض اسعار تلك المنتجات التي كانت ﻻتستغني عنها المعابد والطقوس الدينية والمصانع في ذلك الزمان..
لكن الملك الجنوبي رفع الاسعار اكثر مما كانت عليه مما استدعى الملك المصري ميناء القيام بحملة عسكرية تأديبية عبر رأس الرجاء الصالح تم التصدي لها عند مضيق البحر الاحمر وخليج العرب ( عدن ) وتفاجئ الجيش الغازي ان العرب الجنوبيون استخدموا مدافع المنجنيق التي لم تكن معروفة قبل تلك الحرب في ذلك الزمن
وتم اختراعها من قبل تلك المملكة وابادت بها الجيش الغازي كاملا في تلك الحملة
ويذهب الاخباريون ان المصريين كانوا يزورون مقابر قتلاهم في تلك المعركة سنويا ويندبونهم وسمي موقع المعركة باب المندب..
وتعاظمت اهمية باب المندب لخدمة التجارة والملاحة الدوليين الى جانب الدور اﻻستراتيجي في العلاقات الدولية وصراعاتها في اﻻستحواذ على المواد اﻻولية الضرورية لصناعاتها المختلفة بعد افتتاح قناة السويس .
ان القرصنة في القديم كانت مترابطة ومتصلة الى حد كبير بصراع القوى على الثروات والممرات الاستراتيجية بهدف السيطرة عليها ونشر القواعد العسكربة لحماية تجارتها .. وقد شهد البحر اﻻحمر والبحر العربي صراعات مختلفة بين القوى الاستعمارية للسيطرة على المنطقة منذ القرن الخامس عشر الميلادي حتى استغلت بريطانيا حادثة السفينة دولت واعتبرت ماتعرضت له تلك السفينة من انواع القرصنة والتقطع واحتلت عدن عنوة من سلطنة لحج العبدلية في عام 1839 م
بهدف حماية مصالح شركاتها في الهند الشرقية والهند الغربية وضمان مصالحها ومصالح حلفاؤها.في الجزيرة والخليج وشرق افريقيا والقرن اﻻفريقي .
وفي العصر الحديث
ومنذ صدور قرار تقسيم فلسطين عام 1947م وضع المخطط الصهيوني نصب عينيه البحر اﻻحمر ذو الاهمية الكبيرة في اﻻستراتيجية اﻻسرائيلية انطلاقا من البعد التاريخي الذي يعود الى الرحلة التاريخية للمخلص زئيف شبتاي
(الشاعر الشبزي المدفون في تعز ) في القرن السابع عشر الى المخاء و صنعاء التي قام بتأسيس جيش الحرافيش فيها ومنه الفرقة الاولى في بيت بوس بصنعاء وشبتاي هو يهودي من اصول اسبانيه هاجرت اسرته نتيجة لﻻضطهاد الديني واستقرت في تركيا او مايسمى وقتها دولة الخلافة العثمانيه الاسلاميه وهو مؤسس مذهب الدونمة
( المخلص) وفق معتقدات اليهود اﻻصوليين ' وبعد قيام دولة اسرائيل عام 1948م تعاظم الاهتمام بالبحر اﻻحمر لدى واضعي السياسات اﻻستراتيجية والمصالح التجارية للدولة العبرية الجديدة الوليدة في الشرق القديم او اﻻقصى والذي تم استحداث له اسم جديد "الشرق الاوسط" . لقد حددت تلك اﻻستراتيجية ثلاثة مواقع في المنطقة وجعلت منها مواقع معادية لها افتراضا الاول هو غرب السويس
('مصر ) والثاني هو شرق السويس
( الجنوب العربي والخليج العربي)
والثالث هو قلب الجزيرة العربية بمقدساته الاسلاميه
(الاماكن المقدسة )
ولم يخيب الواقع ظنون المخطط الصهيوني فقد جاءت الثورة المصرية عام 1952م بزخم ثوري وقومي عربي هادر ' ولكن تغلب عليه العاطفة والحماس وعدم وضوح الوسيلة التي يمكن بها تحقيق هدف المشروع القومي العربي الذي استبدل مصطلع شرق السويس وغربه بالخليج العربي الثائر والمحيط الاطلسي الهادر ..
والثاني هو الجنوب العربي الذي يتهياء للاستقلال وموقعه في جنوب البحر اﻻحمر والمياه الدافئة في البحر العربي وخليج عدن والمطل على الفتحة الجنوبية لمضيق باب المندب (توأم) قتاة السويس..
لقد اندهشت عندما وقع بيدي كتاب عن اتحاد الجنوب العربي الذي تاسس في عام 1959م عندما طلبت اسرائيل من البريطانيين اطلاعها على مشروع اتحاد الجنوب العربي ومراحله وخطواته اوﻻ باول دون علم سلاطين وامراء وشيوخ الجنوب العربي ..
اما الهدف الثالث فهو قلب جزيرة العرب ' السعودية بثقلها الديني والاقتصادي..
لقد ادرك المخطط الصهيوني ضرورة عدم التوافق بين تلك الثلاث المكونات العربية التي لها مكانة قصوى في الاستراتيجية اﻻسرائيلية في البحر الاحمر وجنوبه ومنها ضمان مصالحها في مرور تجارتها وسفنها عبر مضيق باب المندب.
وعمدت اسرائيل الى الاستفادة من الفخ الجذاب الذي وقع فيه الرئيس المصري جمال عبدالناصر والذي اعتقد انه الملبي والمعوض لطموحات المشروع القومي العربي الذي حمله ناصر بعواطفه الجياشه لتحقيق حلم الوحدة العربية الذي انكسر في سوريه عام 1961م..
لقد كان استقلال الجنوب العربي على اﻻبواب وهو مركز الصراع في المنطقة قديما وحديثا
و بدا مسرح الاحداث جذابا ان يوجه ناصر ضربة قاضية للامبريالية العالمية والاستعمار بدعم انقلاب عسكري في اليمن "اللغز" وهو ماحدث في 26 سبتمبر 1962م
وهنا تحقق الهدف الصهيوني الذي من خلاله سيتم زرع بذرة الخلاف بين مصروالسعودية شقي الرحى في المعادلة العربية وبالتالي دفن المشروع القومي العربي في جبال اليمن
وبهذه الضربة الموفقة سيتم احكام السيطرة غير المباشرة على البلد الهدف المفترض الثالث الذي يوشك على اﻻستقلال وماحدث من سباق على من تكون له السيطرة على منطقة شرق السويس الجنوب العربي والخليج العربي وماسمي بنظرية الفراغ الامني بعد جلاء بريطانيا منها ..
واندلعت الحرب الاهليه في اليمن بين ملكيين وجمهوريين مغذاه بمال النفط السعودي وبدماء الجيش المصري وفي الوقت نفسه تم التحكم في مصير الجنوب العربي والسيطرة من بعد على استقلاله ودفعه بعيدا عن (الموقعين) في غرب السويس وايضا عن شقيقه في المعاناه والخطر شرق السويس وهو الخليج العربي وقلب الجزيرة 'بل ودائريتيه العربية والاسلاميه .
لقد جاءت حرب 1967م
لترتب قواعد اللعبة بالطريقة التي تخدم استراتيجيات مختلفة لقوى اخرى استفادت بينما كان ابرز الخاسرين فيها مصر وبريطانيا طرفي الصراع المباشر.. !!
ان مضيق باب المندب وخليج عدن شكلا مكانا جذابا للقوى الطامعة بل وحتى للقراصنة نظرا لحجم التجارة واﻻعداد الكبيرة من سفن النقل التجاري التي تمخر مياه البحرين العربي واﻻحمر ..
ولن اطيل اكثر من هذا لان واقعنا يتكرر بشكل مأساوي وما ان تنتهي ازمة حتى تبدا اخرى
وهكذا دواليك ولم تعد القرصنة مقصورة على اشخاص مغامرين هدفهم الحصول على اﻻموال وفق مايعتقدون انها اسرع الطرق ليصبح القرصان ثريا' بل اضحت القرصنة منظمة وتمتلك وسائل حديثة للقيام بها ولعل دول او استخباراتها تشجعها ضد تجارة دول اخرى او للاضرار بسمعة ومصالح بلدان اخرى ..
لقد شهد عام 2009 اسوا الاعوام للسفن والتجارة حيث شهد البحر العربي وخليج عدن سلسة من اعمال القرصنة البحرية ادت الى زيادة رسوم التامينات على السفن القادمة الى المنطقة او المارة بها مما اضطرت معه اﻻمم المتحدة الى معالجة هذه المشكلة والخطر الذي يشكله القراصنة ويهدد التجارة والملاحة الدوليتين واوصت الدول باتخاذ التدابير اللازمة ' فارسلت الدول اساطيلها الحربية الى خليج عدن والبحر العربي لمواجهة ما اسموه بالقراصنة الصومال ليكتشفوا ان اطراف اقليميه و يمنيه نافذه كانت تقدم مساعداتها اللوجستيه لهؤلاء القراصنة والذي كانوا على درجة من الخبرات والمهارات فيما يبدو استباقا لما كانت تتوقعه تلك اﻻطراف اليمنية المرتبطة بدوائر صهيونيه ان تسبقها الى ذلك اطراف اخرى منافسة لها قد تؤيد دعوة الجنوبيين الى الانفصال..!!
وهكذا تدخلت كل تلك اﻻساطيل الحربية لمواجهة خطر ماسمي بالقراصنة الصومال والذي كانوا على درجة من المهارة والحرفنة في التعامل مع السفن التي تقع في قبضتهم مما يدل على ان دول او استخبارات دول كانت هي المحرك لهؤﻻء القراصنة ..
ان دور ميناء عدن في خدمة التجارة والملاحه دور كبير ومشهور منذ العهد البريطاني في عدن حيث وصلت شهرة الميناء الى مختلف ارجاء العالم بمايوفره موقعه الامن
والقريب من خطوط الملاحة البحرية بماﻻيزيد عن اربعة اميال حتى اصبح ثاني ميناء في العالم من حيث حركة السفن..
لقد عادت ازمة باب المندب مجددا بعد تعرض سفينة اغاثة اماراتية للاعتداء الاثم ثم اعقبها ضرب البوارج الحربية الاميركية قبالة مياه ميناء المخاء لتعيد ازمة القراصنة الصومال مجددا ولكن بقميص حوفاشي 'ومازال باب المندب هو نفسه باب المندب مضافا اليه مصالح ضخمه معروفه وغير معروفه ومازالت اﻻساطيل الحربية تجوب البحار تراقب ومازالت التجارة والملاحة وعدن والجنوب العربي يعانون' وفي المقابل مازال الصراع على كنز الكنوز يدور ومافي الغيب يعلمه الله ومن عاش سيرى ماتلده تلك الازمات وهذه الحروب ونتامل ان يكون ماتلده خيرا للجميع .!!
*علي محمد السليماني*
صحفي
وباحث في تاريخ
الجنوب القديم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق