كتب / محمد مرشد عقابي:
ملاحظة: - الهدف من هذا المقال تحليل واستكشاف نمط القيادة الملهمة للشيخ القائد العلم "محمد علي الحوشبي" حفظه الله ورعاه، من منظور علم الإدارة باستقراء النصوص المروية في معركة التحرر والإنعتاق وتحليل الأحداث والمواقف التي مر بها في حياته الزاخرة بالعطاء والحافلة بالتضحية، وللقادة الحقيقيون سمات شخصية ومهارات تمكنهم من إثارة نوازع ودوافع وقيم الأفراد لتحقيق الفاعلية والكفاءة في أدائهم، ويكاد ان يكون هذا الأداء مذهل وخارق في ظل تأثير القيادة الملهمة على وجدان وعقول وسلوك الأتباع، وهذا ما حققه رجال المقاومة من أتباع القائد البطل "أبو الخطاب" طيب الله ذكره وأعلى قدره وأعلى شأنه ونفع به الأمة، في معركة الدفاع عن العزة والكرامة، تلك المعركة التي أندلعت شرارتها الأولى مطلع العام 2015م ولم تنطفئ حتى هذه اللحظة، فقدم خلالها ولايزال اولئك الكوكبة من الرجال العظماء أقصى درجات الفداء والتضحية بأنفسهم وأموالهم من أجل المبادئ والقيم والأهداف السامية المثلى التي تبنها هذا القائد العظيم ذوداً عن حياضه أرضه وعرضه ودينه.
يشير مصطلح الإلهام إلى فعل أو قوة تحرك العقل أو العواطف، أو هو إضفاء تأثير عميق كالتأثير الديني على العقل والروح، وتصنف القيادة الملهمة كأحد انماط القيادة الحديثة التي تركز بشكل خاص على الرؤى والمشاعر والقيم والتحفيز الفكري، وتعرف القيادة الملهمة بانها علاقة تأثير وثيقة بين القادة والأتباع الذين ينوون تغييرات حقيقية تعكس أهدافهم وتطلعاتهم المشتركة، أو هي تلك القيادة التي تجعل الآخرين قادرون على أداء أعمال وتنفيذ مهام غير عادية في ظل التحديات ومواجهة الصعاب، وتقوم عقيدة القيادة الملهمة على إضافة مبادئ التحسين للوصول إلى تأثير كبير ومستدام، وتنشيط واضفاء الإحساس والميل والإثارة والحركة للأفراد من أجل التغيير.
يمكن إدراك جوهر الإلهام في الكلمات التي يتفوه بها أو يلقيها القائد خلال مسيرته النضالية والثورية المظفرة، حيث ان لتلك النبرات ودرر الكلام تأثير في قلوب وعقول وأفئدة الأفراد المتلقين، لقد صاغ القائد "أبا الخطاب" طيب الله ذكره، رؤية وأهداف مثيرة وطموحة لإحداث النهضة الشاملة والصحوة المتكاملة وإرساء مداميك الإصلاح واستنهاض الهمم لدى عامة الناس بهدف تصحيح انحراف المسارات واعادة الإعتبار لأبناء هذا الشعب، وتمثل ذلك بالأمر بالمعروف وألنهي عن المنكر، اذ لم يخرج في ثورته ضد الظالمين والطغاة من أجل مكاسب دنيوية أو الوصول الى سدة الحكم أو كرسي السلطة، بل كان هدفه ترميم وإصلاح ما أفسده الدهر والسير بركب الأمة على منهج النبي محمد صل الله عليه وسلم والوصول بها الى أعلى المراتب والمقامات العالية، وتحققت أهدافه ورؤيته على أرض الواقع من خلال توظيف سمات القيادة الملهمة التي تجسدت في شخصيته وكما موضح بالآتي: -
1- الشجاعة: للشيخ "محمد علي الحوشبي" مواقف ثابتة "شجاعة ومشرفة" في مواجهة الحقائق المؤلمة وتحمل المخاطر المحسوبة على هذه المواقف الثابتة، وهو ما منحه القوة والصلابة على مواجهة المخاطر والتهديدات، والإرادة اللازمة لإتخاذ خطوات لأحداث التغيير المنشود.
2- الأصالة: تشير الأصالة الى الصدق والشهامة والمرؤة وتطابق أقوال القائد مع أفعاله، وهذا السمة لاتتوفر إلا في جهابذة هذا الكون وعظماء الرجال، وتفرد بها هذا القائد المغوار في هذا الزمن دون سواه.
3- الحب: يتصف القائد محمد علي الحوشبي بحبه للناس، وهي من أعظم شمائل وسجايا الإنسان الحميدة، وتجسد ذلك في عدة مواقف وأحداث في كل الظروف والمراحل والمنعطفات.
4- اللطف: وهي من السمات الحاسمة للقادة الملهمين، حيث ان سمة اللطف والرحمة في التعامل تجسد في سلوك القائد "ابن الحاج علي" في عدة مواقف ومثل هذ السلوك الراقي يعبر عن روح هذا القائد الأبوية والقيادية في تعامله مع الآخرين.
5- الإستماع: يتصف القائد أبو الخطاب بآداب حسن الإنصات والإستماع، ويتميز بالإنفتاح الذهني على كافة وجهات النظر المعروضه عليه بين الفينة والأخرى، ويتصف بسعة الصدر وتقبل مختلف الأراء والمقترحات، فتراه تارة يجيب على كافة الأسئلة بناء على تكليفه الشرعي ودوره القيادي وما تقتضيه الضرورة والمصلحة العامة والعليا ومتطلبات المرحلة التي يمر بها الوطن وتارة لكي يجبر بخواطر الناس.
6- التواضع: لم يفرق القائد محمد علي الحوشبي، في تعامله مع الناس، فهو ينظر إلى الجميع بعين العدل والمساواة، ومن شيمه دماثة الأخلاق والتواضع الجم، والبساطة في التعامل مع الآخرين وفي شؤون حياته الخاصة والعامة.
7- القدرة على التعبير: وهي من الصفات المهمة للقادة الملهمين، ويتميز القائد أبو الخطاب عن سائر قادة هذا الزمان بالفصاحة والبلاغة وقوة الحجة والعلم والحلم والسماحة والشجاعة والإقدام والزهد والورع والإيثار، حيث يطرح خلال مسيرته الثورية أراءه وافكاره بطرق واضحة ومقنعة للأخرين وكذلك يعبر عما يجول بخاطره بصراحة ووضوح في جميع المراحل دون تلكؤ او مكر وخداع.
8- الحزم والتفاؤل: استطاع القائد محمد علي ان يخلق أجواء إيجابية وحالة من الصبر والقبول بقضاء الله وقدره والتصرف بتعقل بعيد عن الإنفعالات العاطفية لدى اتباعه، وكل أمور حياته تسير بمبدأ الحزم والتفاؤل.
وبناء على ما تقدم نستنتج ان سمات القيادة الملهمة التي يتسم بها القائد "أبو الخطاب" يحفظه الله ويرعاه، كانت ولاتزال من العوامل الرئيسة لتحقيق رؤيته وأهدافه التصحيحية، فمن خلال تلك القدرات والقابليات التي اتصف بها تمكن هذا القائد الفذ من التأثير في سلوك أبطال المقاومة الجنوبية ورجال الأمن البواسل فكان أدائهم باهراً ورائعاً، حيث يخوض هؤلاء الصناديد معارك الإنتصار للأرض والعرض والدين في جميع الجبهات والى آخر رمق ببسالة وتفاني وتضحية، فالثورة التي يحمل لواءها هذا المناضل الجسور لن تتوقف في إطار معين، بل ستمتد عبر الأجيال والى كافة الأرجاء حتى يتحرر الوطن ويعلن استقلاله، وسيبقى القائد "أبو الخطاب" أمام الثائرين وستبقى تلك المبادئ والرؤى والأهداف التي ناضل ويناضل لأجلها خالدة وتتجدد كل عام حتى يأذن الله بالنصر المبين للوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق